يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام[2]

اذهب الى الأسفل

يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام[2] Empty يمين الدولة السلطان المجاهد محمود بن سبكتكين - فاتح الهند ومحطم الأصنام[2]

مُساهمة من طرف Admin الجمعة نوفمبر 18, 2016 3:41 pm


السلام عليكم و رحمة الله
......................

أعمال محمود على المستوى الخارجي

على الرغم من عظمة الأعمال التى قام بها السلطان محمود على المستوى الداخلي وأثرها القوي والبعيد على الشرق الإسلامي كله، إلا أن ما قام به محمود على المستوى الخارجي ونقصد بذلك تلك الحملات الجهادية العظيمة التي قام بها محمود لأكثر من ثلاثين سنة متصلة على بلاد الهند وما حولها، هي التي رفعت ذكر هذا السلطان العظيم وأعلت شأنه وبيضت صفحته في التاريخ وبوأته مكانة لم يصل إليها أحد بعده من الفتوحات والجهاد فى سبيل الله، وهذه الأعمال جاءت كالآتى:

أولا: القضاء على أكبر ملوك الهند 'جيبال'

لم تكن شبه الجزيرة الهندية وحدة سياسية واحدة تحكمها إدارة وحاكم واحد، فلقد كانت مقسمة لعدة أجزاء وإمارات وأقاليم وذلك لضخامة مساحتها وكثرة الصحاري بها، وكل إقليم كان له ملك يحكمه، وكان أكبر هؤلاء الملوك سنا وشأنا وقوة وبأسا هو الملك 'جيبال' وكان في نفس الوقت أشدهم حقدا وكرها للمسلمين عموما وآل سبكتكين خصوصا، حيث أنه قد سبق وأن التقى في معركة كبيرة مع الأمير 'سبكتكين' سنة 369 هجرية وهزمه 'سبكتكين' هزيمة منكرة جعلت قلبه يحترق ويتلظى على المسلمين، فكما انتهى السلطان 'محمود' من الأمور الداخلية جعل كل همه القضاء على 'جيبال' هذا.

بالفعل قاد محمود حملة جهادية كبيرة على شمال الهند حيث معقل ملك 'جيبال' وحصن مدنه واصطدم معه في معركة 'برشور' في المحرم سنة 392 هجرية، وصبر المسلمون على القتال رغم الفارق الهائل بين الجيشين، فلما انتصف النهار انهزم الهنود وقتل معظمهم، ووقع 'جيبال' نفسه في الأسر وكان في عنقه قلادة من الجوهر الثمين تقدر بمائتى ألف دينار وحدها فصار هو وماله وعشيرته غنيمة للمسلمين وكان محمود شديد الذكاء وعلى دراية تامة بنفسية كفار الهند فبعدما أسر 'جيبال' وألبسه شعار الذل، أطلق سراحه نظير دية ضخمة، وهو يعلم ما سيفعله به قومه، فإن من عادة الهنود أنهم من وقع في الأسر من ملوكهم لا تنعقد له رئاسة عليهم أبدا، فلما عاد 'جيبال' إلى بلده ورأى حاله وما صار إليه من هزيمة وذل وعار وضياع ملك ومال، حلق رأسه، ثم ألقى بنفسه في النار فاحترق بنار الدنيا قبل نار الآخرة، وبذلك أزال محمود أكبر عقبة في طريقه لنشر الإسلام بالهند.

ثانيا: فتح الشمال الهندي

كل ما قام به السلطان المجاهد 'محمود بن سبكتكين' على الصعيد الداخلي وإزالته للدولة البويهية والسامانية وكل الفرق الباطنية الضالة، كان من أجل الهدف الآسمى الذي نذر محمود حياته من أجله ألا وهو نشر دين الإسلام فى بلاد الهند والجهاد في سبيل الله عز وجل، فلقد استمر محمود في سلسلة طويلة من الحملات الجهادية على شمال الهند ابتداءا من سنة 392هجرية حتى سنة 418 هجرية.

بدأ محمود فتوحه في الهند من مركز قوة، فلقد كان يسيطر على إقليم 'غزنه' وهو الإقليم الجبلي الذي يشرف على سهول البنجاب، فكانت مداخل الجبال وممر خيبر في يده، كذلك كان محمود قد مد سلطانه على كل بلاد إيران وما وراء النهر، فلم يعد هناك عدو يناوئه في شمال البلاد أو غربها وبهذا تمكن من أن يوجه كل قواه نحو الشرق حيث الشمال الهندى.

بدأ محمود انتصاراته في الهند على أكبر ملوكهم 'جيبال' سنه 392 هجرية، ثم انحدر على إقليم 'الملتان' وكان فيه مركز الهندوكية في شمال الهند الغربي، ثم استولى على مدينة 'بهاتندة' وكان بها الكثير من فرقة القرامطة الباطنيين وأميرهم يدعى 'أبو الفتوح داود' وكان من أضر خلق الله على المسلمين فقضى محمود على هذه الفرقة الضالة، ثم حارب 'أتاندابال بن جيبال' سنة 395 هجرية وهزمه وقضى على سلطانه، ثم حارب حفيد 'جيبال' وكان قد ادعى الإسلام ليعرض عنه محمود ثم ارتد فقاتله محمود وأصبحت كل نواحى السند إلى حوض البنجاب بلاد مسلمة.

انتهز أمراء الهند فرصة غياب 'محمود بن سبكتكين' لتأديب الخارجين عليه في بلاد ما وراء النهر، وخلعوا طاعته وجمعوا قواتهم لقتاله وذلك سنة 398 فعاد الأسد المجاهد بمنتهى السرعة في جيش كثيف من الأبطال المجاهدين وهزم الجيش الهندي المتحد هزيمة ساحقة وذلك عند قلعة 'بيهيمنكر'على سفح الهمالايا، وعندها أذعن كل أمراء الهند لسلطان الإسلام ودخل كثير منهم الإسلام ومن بقى دفع الدية عن يد وهو من الصاغرين.

في سنة 408 هجرية بدأ 'محمود بن سبكتكين' في فتح كشمير، فدخلها من ناحية الشمال الغربي فعبر نهر 'جهلم' ودخل قلب كشمير وأخضع أمراءها وتحولت كشمير إلى بلاد مسلمة، وكان لهذا الانتصار صدى بعيد، حيث دخل معظم أمراء الهند في دين الإسلام وعلموا أنه الدين الحق الذي لا يغلب من يتمسك به ويعمل به ويدعوا إليه، وبعدها قرر 'محمود' أن يتجه جنوبا حيث إقليم الكوجرات وذلك من أجل مهمة خاصة جعلها 'محمود بن سبكتكين' درة أعماله وتتويجا لفتوحاته وجهاده الطويل .

ثالثا: هدم صنم الهندوس الأكبر 'سومنات'

استمر السلطان الفاتح 'محمود بن سبكتكين' في حملاته وفتوحاته لبلاد الهند، وكان كلما فتح بلدا أو هدم صنما، أو حطم معبدا قال كفار الهند: [إن هذه الأصنام والبلاد قد سخط عليها الإله 'سومنات' ولو أنه راض عنها لأهلك من قصدها بسوء] فسأل 'محمود' عن 'سومنات' هذا فقيل له: إنه أعظم الأصنام ومعبود الهنود الأكبر، ويعتقد فيه الهنود أن الأرواح إذا فارقت الأجساد اجتمعت إليه على عقيدة التناسخ عندهم فيعيدها فيمن شاء بزعمهم، وأن المد والجزر الذي عنده إنما هو عبادة البحر له.

ويقع 'سومنات' على بعد مائتى فرسخ من مصب نهر 'الجانج' بإقليم 'الكوجرات' في غرب الهند ولهذا الصنم وقف عشرة ألاف قرية وعنده ألف كاهن لطقوس العبادة وثلاثمائة رجل يحلقون رؤوس و لحى زواره، وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون ويرقصون على باب الصنم، وعندما اطلع 'محمود' على كل هذه المعلومات عزم وتوكل على الله في غزوه وتحطيمه وفتح معبده ظنا منه أن الهنود إذا رأوا تحطيم معبودهم وكذب أمره دخلوا في دين الإسلام وانتهت الوثنية من الهند .

خاض 'محمود بن سبكتكين' العديد من المفاوز والمستنقعات، حتى أعوزه وجيشه الماء حتى كادوا أن يهلكوا فقام محمود ومن معه بالابتهال والاستغاثة بالله عز وجل، فبعث الله عز وجل لهم سحابة أمطرت عليهم الماء الوفير فشربوا وسقوا وقويت أبدانهم وقلوبهم على عدوهم، ووصلوا إلى بلدة 'دبولواره' فاستولى عليها بعد أن ظن أهلها أن معبودهم 'سومنات' سيمنعهم، ووصل 'محمود' إلى مكان 'سومنات' في منتصف ذي القعدة سنة 416 هجرية، فوجد أهلها على الأسوار يتفرجون على المسلمين واثقين أن معبودهم سيقطع دابرهم ويهلكهم، ولكن هيهات هيهات لقوم أضل من البهائم، انقض محمود ومن معه على كفار الهند ومعبودهم 'سومنات' ورأى الكفار مالم يرونه من قبل فى القتال والشدة وعظم الخطب عليهم، وكان الكفار يتقدم الواحد منهم إلى 'سومنات' فيسجد إليه ويعفر له خده ويعتنقه ويتضرع إليه ثم يخرج للقتال، فيقتل كالشاه الحمقاء، وهكذا حتى قتل المسلمون من الهنود خمسين ألفا ففر باقي الهنود ودخل المسلمون المدينة وهنا حدث موقف لا يقل روعة ولا جلالا عن مواقف محمود بن سبكتكين السابقة.

هكذا يكون رجل العقيدة والإسلام

بعدما حقق محمود بن سبكتكين نصره المبين على كفار الهند وفتح 'سومنات' عزم على هدم هذا الصنم الذى يعبد من دون الله عز وجل، فجاءه رؤساء الهنود وعرضوا عليه دفع أموال طائلة تقدر بالملايين، ومال أصحاب محمود وأمراء جيشه بالقبول وترك الصنم لتعويض الأموال الكثيرة التي أنفقت على تمويل الحملة، فبات 'محمود' طوال الليل يفكر ويستخير الله عز وجل، فلما أصبح قرر هدم الصنم 'سومنات' وعدم قبول الأموال وقال كلمته الشهيرة والتى تكتب بماء الذهب: [إنى فكرت فى الأمر الذي ذكر، فرأيت إذا نوديت يوم القيامة أين محمود الذى كسر الصنم؟ أحب إلي من أن يقال: أين محمود الذى ترك الصنم لأجل ما يناله من الدنيا؟] ولا نملك مع هذا الموقف العظيم إلا أن نقول للسلطان 'محمود' هنيئا لك ما وفقك الله إليه من حسن العمل للإسلام ونصرته، ونرجو من الله تعالى أن تنادى يوم القيامة بما أحببت أن تنادى به.

والعجيب أن المسلمين بعدما كسروا صنم 'سومنات' وجدوا بداخله كنوزا هائلة من الياقوت والجواهر أضعاف أضعاف ما عرضه الهنود، فغنمه المسلمون وجمع الله عز وجل لهم فضيلة كسر الصنم وأفاء عليهم بأضعاف أضعاف ما تركوه، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال: [من ترك شيئا لله عز وجل عوضه الله بأفضل منه].

شهيد على فراشه

ظل محمود بن سبكتكين رافعا لراية الجهاد في سبيل الله ليل نهار لا يكل ولا يتعب ولا يكاد يجلس على فراشه، طالبا للشهادة من مظانها وفي كل موطن، وقد أنشأ دولة عظيمة شاسعة تضم إيران وما وراء النهر والشمال الهندي كله، وأخضع لسلطان الإسلام السند والبنجاب وحوض الجانج إلى حدود البنغال، ونشر الإسلام والعقيدة الصحيحة بتلك الربوع والسهول التي كانت مرتعا للعقائد الضالة وأفكار الفلاسفة، وقد عزم 'محمود' على أن ينقل عاصمته إلى إقليم 'الكوجرات' لتدعيم الوجود الإسلامى بالهند وياليته فعل ذلك، ولكن رجاله عز عليهم مفارقة مواطنهم وديارهم فصرفوه عن هذه الفكرة، وظل السلطان 'محمود بن سبكتكين' مجاهدا غازياً آخذا على عاتقه نشر الإسلام في بلاد الهند والقضاء على الوثنية فيها وبلغت مساحة فتوحاته ما فتحه الفاروق عمر وبلغت رايته الجهادية أماكن لم تبلغها راية قط ولم تتل بها سورة ولا أية قط وأقام شعائر الإسلام في أقصى ربوع الأرض.

ومع ذلك ورغم هذه الحياة الطويلة فوق ظهر الخيل ورفقة السلاح إلا إنه مات على فراشه بعدما أصابه داء البطن ومكث عامين مريضا ولكن لا يضطجع بل يتكأ على جنبه ويحضر مجلس الحكم ليفصل بين الناس ويسير شئون الدولة، حتى مات رحمه الله مبطونا ولعلها تكون شهادة كما ورد ذلك في الحديث، تعوض هذا السلطان العظيم الذي فتح بلاد الهند وظل طوال حياته يطلب الشهادة كي ما ينالها، وينصر الإسلام وينشره كي ما يرضى عنه ربه، فسلام عليك يا أعظم سلاطين الإسلام.
منقول

Admin
Admin

المساهمات : 2275
تاريخ التسجيل : 12/11/2016

https://theparadise-road.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى