تصبرةً الخطيب البغدادي
طريق الجنة :: منتدى الدين الإسلامي :: منتدى الدين الإسلامي :: قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
تصبرةً الخطيب البغدادي
وجاء في التنكيل صفحة 326 في معرض دحض فرية الكوثري ان الخطيب البغدادي انتقل من مذهب الحنبلي الى الشافعي بسبب ميلة إلى المبتدعة ( إذ قد بان أن عقيدة الخطيب كانت مباينة لعقائد المبتدعة فلننظر في انتقاله عن مذهب احمد في الفروع : الظاهر أن معنى انه كان على مذهب احمد أن والده وأهله كانوا على مذهب أحمد وأنه انتقل إلى مذهب الشافعي في صغره زمان طلبة العلم ، فما الباعث له على الانتقال؟ يقول ابن الجوزي : إن ذلك لميل الحنابلة عليه وايذائهم له ، فلماذا آذاوه ؟ يقول ابن الجوزي : لما رأوا من ميله إلى المبتدعة. قد تقدم إثبات أن عقيدة الخطيب كانت مباينة لعقائد المبتدعة وذلك ينفي أن يكون ميله إليهم رغبة منه في بدعتهم أو موافقة عليها فما معنى الميل وما الباعث عليه ؟
كان الحنابلة في ذاك العصر ينفرون بحق من كل من يقال إنه أشعري أو معتزلي وينفرون عن الحنفية والمالكية والشافعية لشيوع البدعة فيهم ، وكان كثير من الحنابلة يبالغون في النفرة ممن نفروا عنه فلا يكادون يروون عنه إذا كان من أهل الرواية ولا يأخذون عنه غير ذلك من العلوم ، وإذا رأوا الطالب الحنبلي يتردد إلى حنفي أو مالكي أو شافعي سخطوا عليه وقد ذكر ابن الجوزي نفسه في ( المنتظم) (ج9 ص213) عن أبي الوفاء بن عقيل الحنبلي قال : ( وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء ، وكان ذلك يحرمني علما نافعا) وتقدم في ترجمة اجمد بن ابن عبد الله أبي نعيم الأصبهاني ما لفظه : ( قال إنسان من أراد أن يحضر مجلس أبي نعيم فليفعل-وكان مهجورا في ذلك الوقت بسبب المذهب وكان بين الحنابلة والأشعرية تعصب زائد يؤدي إلى فتنة و(وقال وقيل وصداع)، فقام إلى ذلك الرجل أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام وكاد أن يقتل) مع أن مجلس أبي نعيم إنما كان لسماع الحديث لا للدعوة إلى الأشعرية ) أهـ
وقال في الصفحة 328( أقول فحرصه على تحصيل العلم وولوعه به هو الذي كان يحمله على أن يقصد كل من عرف بالعلم مهما كان مذهبه وعقيدته وكان الحنابلة إذ ذاك يخافون عليه بحق أن يقع في البدعة ، وإذ كانت نهمته تضطره إلى الانطلاق في مخالفتهم وغيرتهم تضطرهم إلى المبالغة في كفه بلغ الأمر إلى ( الايذاء) وكان وهو حنبلي لا يرجو غيرهم أن يعطف عليه ويحميه وينتصر له فاحتاج أن يتحول إلى مذهب الشافعي ليحميه الشافعيون ولا يعارضوه في الاختلاف إلى من شاء من أهل العلم مهما كان مذهبه وعقيدته لأن الشافعية لم يكونوا يضيقون في ذلك مع أنهم إنما استفادوا الخطيب فهم أشد مسامحة له ، وهذا وإن نفعه من جهة الظفر بأنصار أقوياء يتمكن في حمايتهم من طلب العلم كيف شاء لكن من شأنه أن يزيد حنق الحنابلة عليه وغيظهم منه وكانت بغداد مقر الحنابلة وأكثر العامة معهم ، والعامة كما لا يخفى إذا اتصل بهم السخط على رجل تسارعوا إلى إيذائه وبالغوا ) أهـ
تابع لما ذكرت من أمر الخطيب البغدادي جاء في التنكيل صفحة328( قد علمت بعض ماكان يلقاه الخطيب من إيذاء العامة حتى في الجامع وقت إملاء الحديث وفي بيته ، إذ كانوا يطينون عليه بابه فيحولون بينه وبين شهود الجماعة ، عاش الخطيب في هذا الوسط إلى أن ناهز الستين من عمره ، وأولئك المؤذون يتعاقبونه نهارا وليلا يتمنون أن يقفوا له على زلة ، أو يعثروا له على عثرة ، فيشيعوها ويذيعوها ويدونها خصومه في كتبهم وتواريخهم ولكنه لم يكن من ذلك شيء ، )
----
قلت -عبد الباسط آل القاضي:" بل ان فيهم من اتهموه بشرب الخمر وهو برآء من تلك التهمة إنما هي ضغائنُ النفوس وصغارها ؛ بل كان نزيهاً وطاهر السيرة ، محدثاً علماً من أعلام النبلاء ؛ وهذا خطيبُ دار السلام ومدونُ تاريخها وصاحبُ الأسفارِ البهيةِ والندية في علومِ الحديثِ وغيرها يؤذى سنيناً طوالا فيصبر محتسباً على الصراط السوّي من غير غلوٍ أو جفاء؛ وقد انتقل من مذهبه الحنبلي إلى الشافعي في حداثته إذ انتقاله يومئذ إلا لولوعه بطلب العلم وليخرج من قيد التحزب والتعصب من الذين ضيقوا عليه في باديء الأمر ثم آذاوه فيما بعد وصبر واحتمل فأينَ هم شانئوهُ ؟مالهم لايسمع لهم ركزاَ ؟ لا في الكتبِ ذكروا ولا في شواهدِ القبور حفروا ؛ بينما صاحبنا الحافظُ النحرير خادم السنة والمنافح عن أهلهاَ ؛ كتبهُ في العالم معروفة وأقواله بين اهل العلم والفضل مشهورة ، ملء السمع والبصر ؛ فلا نامت أعينُ الشانئين )
------
طريق الجنة :: منتدى الدين الإسلامي :: منتدى الدين الإسلامي :: قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى