تفسير قول الله جل وعلا "فإن تنازعتم في شيء" الآية
صفحة 1 من اصل 1
تفسير قول الله جل وعلا "فإن تنازعتم في شيء" الآية
تفسير قول الله جل وعلا "فإن تنازعتم في شيء" الآية
قال الله عز وجل في القرآن العظيم :
" فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) "
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره :
"ثم أمر برد كل ما تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه إلى الله وإلى رسوله أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله؛ فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إما بصريحهما أو عمومهما؛ أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه، لأن كتاب الله وسنة رسوله عليهما بناء الدين، ولا يستقيم الإيمان إلا بهما.
فالرد إليهما شرط في الإيمان فلهذا قال: { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } فدل ذلك على أن من لم يرد إليهما مسائل النزاع فليس بمؤمن حقيقة، بل مؤمن بالطاغوت، كما ذكر في الآية بعدها { ذَلِكَ} أي: الرد إلى الله ورسوله { خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا } فإن حكم الله ورسوله أحسن الأحكام وأعدلها وأصلحها للناس في أمر دينهم ودنياهم وعاقبتهم" اه.
وقال الإمام البغوي رحمه الله :
"قوله عز وجل: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ } أي: اختلفتم، { فِي شَيْءٍ } من أمر دينكم، والتنازع، اختلاف الآراء وأصله من النزع فكأنّ المتنازعين يتجاذبان ويتمانعان، { فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُول } أي: إلى كتاب الله وإلى رسوله ما دام حيا وبعد وفاته إلى سُنّته، والرُّد إلى الكتاب والسنة واجبٌ إن وُجد فيهما، فإن لم يُوجد فسبيله الاجتهاد. وقيل: الرُّد إلى الله تعالى والرسول أن يقول لِمَا لا يعلم: الله ورسولُه أعلم. { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ } أي: الرُّد إلى الله والرسول، { خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} أي: أحسنُ مآلا وعاقبة" اه.
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
"وقوله: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } قال مجاهد وغير واحد من السلف: أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله.
وهذا أمر من الله، عز وجل، بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة، كما قال تعالى: { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } [الشورى:10] فما حكم به كتاب الله وسنة رسوله وشهدا له بالصحة فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال، ولهذا قال تعالى: { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } أي: ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله، فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ }
فدل على أن من لم يتحاكم في مجال النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك، فليس مؤمنا بالله ولا باليوم الآخر.
وقوله: { ذَلِكَ خَيْرٌ } أي: التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله. والرجوع في فصل النزاع إليهما خير { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا } أي: وأحسن عاقبة ومآلا كما قاله السدي وغير واحد. وقال مجاهد: وأحسن جزاء. وهو قريب" اه.
نسأل الله أن يردّنا إلى دينه ردًّا جميلاً.
مواضيع مماثلة
» آيات الله جل وعلا لها ثلاثة إطلاقات
» تفسير الآية 183- سورة البقرة
» تفسير قوله تعالى: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ... الآية
» تفسير سورة الفاتحة للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
» لااله الاالله محمدرسول الله سبحان الله الحمدلله لااله الاالله الله اكبر سبحان الله وبحمده سبحان الله...
» تفسير الآية 183- سورة البقرة
» تفسير قوله تعالى: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ... الآية
» تفسير سورة الفاتحة للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
» لااله الاالله محمدرسول الله سبحان الله الحمدلله لااله الاالله الله اكبر سبحان الله وبحمده سبحان الله...
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى