العلّامة مُحمّد الطّاهر بن عاشور... علمٌ لم يلق حظّه

اذهب الى الأسفل

العلّامة مُحمّد الطّاهر بن عاشور... علمٌ لم يلق حظّه Empty العلّامة مُحمّد الطّاهر بن عاشور... علمٌ لم يلق حظّه

مُساهمة من طرف Admin الجمعة نوفمبر 18, 2016 4:16 pm


العلّامة مُحمّد الطّاهر بن عاشور


.....إنّه العلّامة مُحمّد الطّاهر بن عاشور الزّيتوني التُّونسي(1) ، من مواليد جُمادى الأولى 1296 هـ، سبتمبر 1879م بالمرسى، بتونس.التحق بالجامع الأعظم ( الزّيتونة) عام 1310 هـ، المُوافق 1893 م، و درس عُلوم النّحو و الصّرف و البلاغة و المنطق و التّفسير و القراءات و الحديث و مُصطلحه و الفقه و أُصوله و الفرائض، و غيرها.
تحصّل على شهادة التّطويع عام 1317 هـ، المُوافق 1899 م، و قد أجازه العلّامة مُحمّد العزيز بوعتور صحيح مُسلم، و كان ذلك عام 1321 هـ، المُوافق 1904 م، و أجازه العلّامة سالم بوحاجب مُفتي المالكيّة بتونس صحيح البُخاري، و كان ذلك عام 1323 هـ، المُوافق 1906 م.

و من أشهر شُيوخه العلّامة مُحمّد النّخلي، و العلّامة محُمّد العزيز بُوعتور، و العلّامة سالم بُوحاجب، و من خيرة رُفقائه العلّامة مُحمّد الخضر حسين الجزائري الأصل، و شيخ الأزهر الشّريف في زمانه.
مكانته العلميّة:
حظي العلّامة مُحمّد الطّاهر بن عاشور بمكانة علميّة رفيعة المستوى، جعلته يتقلّد عدّة مناصب، منها:
01) ـ شيخ الجامع الأعظم سنة ( 1351 هـ / 1932 م ــــــــــــــــــ 1352 هـ / 1933 م).
02) ـ شيخ الإسلام المالكي سنة ( 1351 هـ / 1932 م).
03) ـ انتخب عُضوًا بالمجمعين:
- مجمع اللُّغة العربيّة بالقاهرة سنة 1369 هـ / 1950 م.
- المجمع العلمي العربي بدمشق سنة ( 1374 هـ / 1955 م).
04) ـ عميد الجامعة الزّيتونيّة سنة ( 1375 ه / 1956 م ــ 1380 هـ / 1960 م).

مُؤلّفاته و آثاره:
لقد كانت للعلّامة مُحمّد الطّاهر بن عاشور عدّة تأليفات، منها المطبوعة، و منها الّتي لازالت لم تر النُّور، و أشهر التّأليفات المطبوعة:
01) ـ التّحرير و التّنوير ( و هو تفسير للقُرآن الكريم يحوي خمسة عشر جُزءًا).
02) ـ مقاصد الشّريعة الإسلاميّة ( و هو من أجلّ ما كُتب في علم المقاصد).
03) ـ القلب الجريح بشرح بُردة المديح.
04) ـ قصّة المولد.
05) ـ شرح الاقتضاب.
06) ـ غرائب الاستعمال.
07) ـ أُصول الإنشاء و البلاغة.
08) ـ مُوجز البلاغة.
09) ـ الأمالي على دلائل الإعجاز.
10) ـ تحقيق كتاب الواضح في مشكلات شعر المُتنبّي.
11) ـ تحقيق كتاب سرقات المُتنبّي و مُشكل معانيه.
12) ـ تحقيق كتاب قلائد العقيان و محاسن الأعيان.
13) ـ شرح المُقدّمة الأدبيّة ( و هو شرح مُمتع).
14) ـ أصول النّظام الاجتماعي في الإسلام.
15) ـ أليس الصُّبح بقريب ( و هو كتاب مُفيد و قيّم، عالج فيه أوضاع التّعليم بالزّيتونة، و طُرق العمل على إصلاحها و السّير بالجامع الأعظم إلى أعلى الرُّتب و المصاف).

و له عدّة فتاوى، و تقييدات فقهيّة، و عدّة مُراجعات و تحقيقات حديثيّة، منها مُراجعة و نقد كتاب " فتح الملك العليّ بصحّة حديث باب مدينة العلم عليّ " لأبي الفيض أحمد بن صديق الغُماري ( رحمه الله)، و ختم قوله في هذا الحديث: ( إنّ حال أسانيد هذا الحديث يمنع من إدخاله في حقيقة الصّحيح و حقيقة الحسن ؛ لفُقدان شروطهما فيه، فيدور أمره بين الضّعف و الوضع.) اهـ.
و منها تنبيهات على أحاديث ضعيفة و موضوعة رائجة على ألسنة النّاس، و منها التّحقيق في مُصطلح الحديث القُدسي، و له مقالات أدبيّة و إصلاحيّة.

و أُشير في هذا المقام إلى مُلاحظة مُهمّة ؛ و هي أنّ العلّامة مُحمّد الطّاهر بن عاشور، و رغم تبحّره في عُلوم اللُّغة، و في عُلوم التّفسير و القراءات، إلّا أنّه كان على جانب كبير و عناية فائقة بالحديث و مُصطلحه و رجاله، و لأدلّ على ذلك تحقيقاته و مُراجعاته و ردوده الحديثيّة، و هذه المُلاحظة تكاد تخفى على الكثيرين(2) .

و لقد أثنى عليه من عُلماء الدّعوة السّلفيّة، الإمامان الجليلان، فضيلة العلّامة مُحمّد البشير الإبراهيمي، و فضيلة العلّامة بكر بن عبد الله أبوزيد، و نقتصر على شهادة العلّامة مُحمّد البشير الإبراهيمي ؛ إذ يقول: ( الأُستاذ الأكبر مُحمّد الطّاهر بن عاشور عَلم من الأعلام الّذين يعدّهم التّاريخ الحاضر من ذخائره ؛ فهو إمام مُتبحّر في العُلوم الإسلاميّة، مُستقلّ في الاستدلال لها، واسع الثّراء من كُنوزها، فسيح الذّرع بتحمّلها، نافذ البصيرة في معقولها، وافر الاطّلاع على المنقول منها، أقرأ و أفاد، و تخرّجت عليه طبقات مُمتازة في التّحقيق العلمي، و تفرّد بالتّوسع و التّجديد لفروع من العلم ضيّقها المنهاج الزّيتوني، و أبلاها الرُّكود الذّهني، و أنزلتها الاعتبارات التّقليديّة دُون منزلتها بمراحل ؛ فأفاض عليها هذا الإمام من رُوحه و أُسلوبه حياة و جدّة، و أشاع فيها مائية و رونقا، حتّى استرجعت بعض قيمتها في النُّفوس، و منزلتها في الاعتبار... ثم يتابع كلامه فيقول: ( هذه لمحات دالّة ــ في الجُملة ــ على منزلته العلميّة، و خُلاصتها أنّه إمام في العلميات، لا يُنازع في إمامته أحد... إلى أن يقول: ( إنّ الّذين يُثيرون في وجهه الغُبار، أو يضعون في وجهته العواثير لمُجرمون. و إنّا ــ إن شاء الله ــ للأستاذ الأكبر في طريقه الإصلاحي لمُؤيّدون و ناصرون.)(3) اهـ.

هذه شهادة ؛ تدلُّ على أنّ الرَّجل كان على كثير من الثّقة و الصّواب، فهو بحقّ علم من أعلام الأمّة الإسلاميّة لا يُدانيه مُدان، و أحد رجالات الفكر و الإصلاح في الشّمال الأفريقي.

وفاته:
تزوّج العلّامة مُحمّد الطّاهر بن عاشور ابنة نقيب الأشراف بتونس، الفاضل مُحمّد مُحسن، و كان له منها ثلاثةُ بنين و بنتان ؛ منهم العلّامة مُحمّد الفاضل بن عاشور ( مُفتي تونس في وقته). فارق العلّامة مُحمّد الطّاهر بن عاشور الحياة، و عُمره أربعة و تسعون عامًا، و كان ذلك يوم الأحد 13 رجب الأصبّ 1393 هـ، المُوافق 12 أوت 1973 م، و شُيِّعت جِنازته في موكب شعبي مهيب، و وُري التُّراب في مقبرة الزّلّاج في مدينة تُونس العاصمة.

هذه وقفة تاريخيّة رغم وَجازتها مع هذا العَلم الّذي لم يلق حظّه، كتبها الفقير إلى عفو ربّه أبو مُحمّد سعيد هرماس. و صلّى الله و سلّم على سيّدنا مُحمّد و على آله و صحبه أجمع.

هوامش
1 ـ لقد ذكرت له ترجمة وافية في كتابي القريب الصُّدور "المُحدّثون و جُهودهم في القرنين الرّابع عشر و الخامس عشر الهجريين " .
2 ـ من أشهر كُتب العلّامة مُحمّد الطّاهر بن عاشور في السُّنّة (الحديث ) :
1- تحقيقات و أنظار .
2-كشف المُغطّى من المعاني والألفاظ الواقعة في المُوطّأ .
3-النّظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامعالصّحيح ( للإمام البُخاري ) .
3 ـ آثار الإمام الإبراهيمي ، الجُزء الثّالث ،ص ( 549 ـــ 552 ) .


و كتب أبومُحمّد سعيد هرماس

Admin
Admin

المساهمات : 2275
تاريخ التسجيل : 12/11/2016

https://theparadise-road.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى