عماد الدّين خليل المُؤرّخ و المُفكّر و الأديب الإسلامي المُبدع

اذهب الى الأسفل

عماد الدّين خليل المُؤرّخ و المُفكّر و الأديب الإسلامي المُبدع Empty عماد الدّين خليل المُؤرّخ و المُفكّر و الأديب الإسلامي المُبدع

مُساهمة من طرف Admin الجمعة نوفمبر 18, 2016 4:15 pm


عماد الدّين خليل المُؤرّخ و المُفكّر و الأديب الإسلامي المُبدع

ابن الموصل الأبيّة، و ما أدراك ما الموصل، و هل أتاك نبأ الموصل؟ لقد مرّ عليها حين من الدّهر كانت شيئا مذكورا، و قد تطاول عليها العُمر... و طال على سُكّانها العهد.....
إنّه الأستاذ الدُّكتور عماد الدّين خليل(1) . هذا العملاق الّذي تكوّنت معرفتي به، من خلال لقاءاته و مُحاضراته و كُتبه و مقالاته، و قد تعود في تحديدها الزّماني، إلى سنة 1428 هـ / 2007 م. لقد استمعت إليه غير ما مرّة، و هو يتحدّث في قطاع من الفُنون الأدبيّة و العلميّة و الفكريّة ، لاسيما منها في التّاريخ الإسلامي و فلسفته، و قد انثالت عليه الفوائد و الفرائد و المفارد و الطّرائف و الشّرائد و اللّطائف و المُلح من كُلّ الجهات، و تدفّقت على لسانه صببا، من عطائه النّمير، كالواحة الفوّاحة، يُحاكي في ذلك جلّة من عمالقة المُؤرّخين الّذين عرفتهم الأمّة الإسلاميّة، عبر عُصورها.
لقد تحدّث عن نفسه يوما، أنّه يقرأ في اليوم أكثر من مئتي ( 200 ) صفحة، أو يزيد، قراءة إمعان و تفحّص و تفهّم، و يُدوّن في اليوم أكثر من عشرين ( 20 ) صفحة من القطع الكبير، و يُجاوز خلال السّنة في مُطالعاته المُتنوّعة سبعين ( 70 ) كتابا، و لم ينس ماضيه في ريعان شبابه، مع الإبداع الأدبي ؛ في الشّعر و الرّواية و القصّة القصيرة و المسرح و غيرها ، فهو قارئٌ نهمٌ و باحثٌ جادٌّ و كاتبٌ مُترسّلٌ و أديبٌ ذوّاقة صاحب همّة عالية... و قد تحدّث أيضا بأسى و تأسّف شديدين، عن الواقع المرير الّذي تعيشه الجامعات و الكُلّيات العربيّة حاضرا، و عن مُستوى و أهلية حملة الشّهادات العُليا فيها، إلّا لماما... و لا حول و لا قُوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
أمّا عن أُسلوبه، ففي تناول الحوادث التّاريخيّة، فإنّه يتميّز بالسّبر و الغور و الإدراك و الشُّمولية، و في التّعاطي مع الفرق و الطّوائف الإسلاميّة، فيتميّز بالحكمة و اللّين و الانفتاح و الموضوعيّة، و الدّفع بالّتي هي أحسن، و إيجاد المعاذير، و التماس التّخاريج (2)، و في مُعالجة التّأزّمات المذهبيّة دينيّة ( في العقيدة أو في المنهج أو في الأحكام ) كانت أو سياسيّة، فيظهر فيه الحذر و اليقظة و الفطنة و العلم(3) والاطّلاع و الفهم الصّحيح و التّنزيل و الإسقاط السّليمان و المعرفة الكافية للمُلابسات و الأحوال الدّاعية و المُحيطة .....

و قد حكى ــ تحديدا ــ عن الضّوابط و المعايير، في تمحيص حوادث التّاريخ بدقّة، بعد الحفاظ عليها، بالكتابة و التّسجيل، و قد هدّدها تآكل الذّاكرة ؛ و ذكر منها اعتبار الطُّرق الصّحيحة في التّلقّي، و الحفاظ على سلسلة الإسناد في نقل الوقائع و الحوادث، و النّقد الصّارم للمرويات و نخلها (4)( متنا و سندا ) و ذبّ الكذب و الافتراء عنها، و الإلمام بالتّفسير الإسلامي لقوانين الحركة التّاريخيّة، و الإلمام بخصائص التّاريخ الإسلامي المُتميّز، و ضرورة تحقيق التّوازن بين الجانبين السّياسي العسكري، و الحضاري ( الدّعوي و التّشريعي )، و التّوازن بين العرض الأكاديمي للوقائع كما تشكّلت، و بين مُحاولة تسليط الضّوء عليها تحقيقا و تفسيرا و نقدا و تحليلا، و مُراعاة التّحزّبات و الأهواء و المصالح و طبيعة الارتباط بالسُّلط الحاكمة، و التّعامل برؤية عالميّة ( بانوراميّة ) للوقائع ، و معرفة الأحوال المُحيطة و ما كان يجري على خرائط الكُرة الأرضيّة في ذلك الحين، و إعمال العقل و استدعاء المعارف الطّبيعيّة لتنزيلها على فحص المرويات التّاريخيّة ؛ لكي يتبيّن مدى قبولها أو رفضها من قبل العقل، و من قبل المعارف الطّبيعيّة(5) ، و مُراعاة النّبض التّاريخي لكلّ مرحلة تاريخيّة ؛ لأنّه مُهمٌّ في نقد الواقعة التّاريخيّة المشكوك فيها، و أضاف إلى ذلك، بأنّه يجب على المُؤرّخين، أثناء تمحيص و فحص المرويات و وقائع التّاريخ الماضيّة، أن يستدعوا معهم مُتخصّصين آخرين، في عُلوم القرآن و في عُلوم الحديث و في التّفسير و في الفقه و في السّياسة، و في غيرها ؛ حتّى يتمّ تفسير الحوادث تفسيرا غير ناقص، أو رُبّما يُدفع ما يقع منها من اضطراب و اختلال و تعارض، أو يُصلح ما اعتراها من خلل و انثلام، أو يُسدّ ما يحدث فيها من ثغرات و فُرج و مطبّات، و كذلك إبطال فكرة تقسيم التّاريخ الإسلامي، حسب الأُسر الحاكمة و طبقاتها و سُلالاتها و تبدّلها، أُموي و عبّاسي و مملوكي.... و عثماني، و هو تقسيم تعسّفي، و الأفضل أن يُقسّم حسب المعيارين الزّماني و المكاني، و الأولى فيه اعتبار المعيار النّوعي، و هو حسب طبيعة المرحلة التّاريخيّة، بمعرفة خصائصها ، كعصر الرّسالة، و عصر الرّاشدين،... و هكذا. و الأكثر مُطابقة لما كان يجري في العُصور ؛ نقول : عصر الانبعاث، و عصر الانطلاق، و عصر التّوسّع، و عصر الإبداع الحضاري، و عصر التّآكل و السُّقوط... الخ..... و هذه كُلّها دلالات كافيّة عندي في أن يُعدّ الرّجل من العُلماء الفُهماء المُبدعين.

و من مُؤلّفاته التّاريخيّة المُترعة بالدّقّة و الضّبط و المنهجيّة المعهودة عنه :
1ـ ملامح الانقلاب الإسلامي في خلافة عُمر بن عبد العزيز .
2ـ عماد الدّين زنكي.
3ـ دراسة في السّيرة.
4ـ التّفسير الإسلامي للتّاريخ . ( و هو كتاب مُمتاز ).
5ـ الإمارات الأرتقيّة في الجزيرة الفُراتيّة و الشّام
6ـ الحصار القاسي ملامح مأساتنا في أفريقيا.
7ـ نُور الدّين محمود الرّجل و التّجربة.
8ـ في التّاريخ الإسلامي فُصول في المنهج و التّحليل.
9ـ المُقاومة الإسلاميّة للغزو الصّليبي عصر ولاة السّلاجقة في الموصل.
10ـ دراسات تاريخيّة.
11ـ ابن خلدون إسلاميّا.
12ـ حول إعادة كتابة التّاريخ الإسلامي.
13ـ تحليل للتّاريخ الإسلامي إطار عام .
14ـ المُستشرقون و السّيرة النّبويّة بحث مُقارن في منهج المُستشرق البريطاني المُعاصر مونتغمري وات.
15ـ نظرة الغرب إلى حاضر الإسلام و مُستقبله.
16ـ مدخل إلى التّاريخ و الحضارة الإسلاميّة.
17ـ الوحدة و التّنوّع في تاريخ المسلمين.
18ـ المنظور التّاريخي في فكر سيّد قطب.
19ـ دليل التّاريخ و الحضارة في الأحاديث النّبويّة الشّريفة ( بالاشتراك ).

و من مُؤلّفاته الفكريّة القويّة في الطّرح :
1ـ لُعبة اليمين و اليسار.
2 ـ تهافت العلمانيّة.
3ـ مع القُرآن في عالمه الرّحيب .
4 ـ مدخل إلى موقف القرآن الكريم من العلم.
5 ـ كتابات على بوّابة القرن الخامس عشر ( بالاشتراك ).
6ـ العلم في مُواجهة المادّيّة قراءة في كتاب سوليفان ( حُدود العلم ) .
7 ـ مدخل إلى إسلاميّة المعرفة.
8ـ حوار في المعمار الكوني.
9ـ الحديث.
10ـ أضواء جديدة على لُعبة اليمين و اليسار.
11 ـ قالوا في الإسلام.
12 ـ رُؤية إسلاميّة في قضايا مُعاصرة.
13ـ حول إعادة تشكيل العقل المُسلم.
14ـ مُؤشّرات إسلاميّة في زمن السُّرعة.
15ـ الإسلام و الوجه الآخر للفكر الغربي.
16ـ القُرآن الكريم من منظور غربي.
17ـ كتابات إسلاميّة.
18ـ في الرُّؤية الإسلاميّة.
19ـ المرأة و الأسرة المُسلمة من منظور غربي.
20ـ الرُّؤية الآن في هُموم فلسطين و العالم الإسلامي.
21ـ مُتابعات في الفكر و الدّعوة و التّحدّيات المُعاصرة .
22 ـ حوار في الهُموم الإسلاميّة.
23ـ أُولى ملاحم القرن.
24ـ مُذكّرات حول واقعة 11 أيلول.
25ـ مقال في العدل الاجتماعي.

و من مُؤلّفاته في النّقد و الأدب الإسلامي :
1ـ في النّقد التّطبيقي.
2 ـ مُحاولات جديدة في النّقد الإسلامي.
3 ـ مُتابعات في دائرة الأدب الإسلامي.
4 ـ في النّقد الإسلامي المُعاصر.
5 ـ مدخل إلى نظريّة الأدب الإسلامي.
6 ـ الغايات المُستهدفة للأدب الإسلامي.
7 ـ الطّبيعة في الفنّ الغربي و الإسلامي.
8 ـ فوضى العالم في المسرح الغربي المُعاصر.
9 ـ الفنّ و العقيدة.
10 ـ رُؤية جماليّة في فكر النّورسي.

و له في الشّعر :
1 ـ ابتهالات في زمن الغُربة.
2 ـ جداول الحبّ و اليقين.
و له في الرّواية :
1 ـ السّيف و الكلمة.
2 ـ الإعصار و المئذنة.

و له في المسرح :
1 ـ مُعجزة في الضّفة الغربيّة.
2 ـ الشّمس و الدّنس.
3 ـ المأسورون.
4 ـ العبور.
5 ـ المغول.
6 ـ خمس مسرحيات إسلاميّة ذات فصل واحد.

و له في القصّة القصيرة :
1 ـ رحلة الصُّعود الّتي لا نهاية لها.
2 ـ كلمة الله.

و له في الرّحلات :
1 ـ الرّحيل إلى إسطنبول.

و أعترف في الأخير أنّني لم أبذل جهدا يُذكر، في الحديث عن هذه الشّخصيّة الفذّة، الّتي تعرّفت عنها عن قُرب، و الّتي تستحقّ منّي، و من أهل الحجا، كلّ إكبار و تقدير و امتنان، اللّهم إلّا جهد القاصر و الكسول. و الله المُوفّق و الهادي إلى الصّراط السّويّ، و الصّلاة و السّلام على أشرف المُرسلين سيّدنا مُحمّد و على آله و صحبه أجمعين.

هوامش
1 ـ من مواليد 1939 م ( حسبما رُوّيته ، و قد ذكر بعض من ترجم له أنّه من مواليد 1941 م.و الله أعلى و أعلم)، بمدينة الموصل الجميلة العريقة بالعراق ( دفع الله عنه كيد الأمريكان و شرّ الصّفويين و الشُّعوبيين . آمين ) . انتظم في التّعليم الحكومي، بعد أن حفظ القرآن، و تحصّل على اللّيسانس ( البكالوريوس )، في الآداب، بدرجة الشّرف، من قسم التاريخ بكُلّيّة الترّبية، بجامعة بغداد عام 1962 م، ثمّ على الماجستير في التّاريخ الإسلامي، بدرجة جيّد جدّا، من معهد الدّراسات العُليا ، بكُليّة الآداب ، من نفس الجامعة عام 1965 م ، عن رسالته الموسومة ( عماد الدّين زنكي : 487هـ ـ 541 هـ / 1094 م ـ 1146 م ) ، و بعدها الدُّكتوراه في التّاريخ الإسلامي، بدرجة الشّرف الأولى ، من كُلّيّة الآداب ، بجامعة عين شمس بالقاهرة ، عام 1968 م ، عن رسالته الموسومة ( الإمارات الأرتقيّة في الجزيرة الفُراتيّة و الشّام : 465 هــ 813 هـ / 1072 م ـ 1410 م ) . درّس و حاضر و أشرف و ناقش العديد من الأطاريح الجامعيّة ، و تنقّل بين عدّة جامعات عربيّة و إسلاميّة ، إلى أن أُحيل إلى التّقاعد سنة 2009 م، و قد شارك ــ و لا يزال ــ في عدّة مُلتقيات و مُؤتمرات فكريّة، و ندوات علميّة و دراسيّة ، و ألّف مجموعة كبيرة من الكُتب و الرّسائل ؛ تاريخيّة و فكريّة و أدبيّة ، و غيرها . و هو الآن يعيش في أرض الغُربة ، بعدما ارتحل عن موطنه ( الموصل ) مُكرها . كان الله في عونه ، و في عون كُلّ مُستضعف من الرّجال و النّساء و الولدان . آمين . 2 ـ قال الإمام أبو سعيد عبد السّلام بن سعيد التّنّوخي المالكي ، المعروف بسحنون الأفريقي ( ت 240 هـ ) : ( إنّ للحقّ وُجوها (أوجها ) . ) اهـ ، و قال : ( إنّ أحدا يظنّ نفسه إذا عرف وجها من وُجوه الحقّ ،أنّه على الحقّ وحده ، و غيره على الباطل . ) اهـ . قُلت و هذا كلامٌ مُفيدٌ ، يُستحسن إفادته في هذا الزّمان . و الله أعلى و أعلم .
3 ـ كالعلم بالمعاني الخارجيّة و الدّاخليّة للأشياء والأُمور على طريقة المناطقة .
4 ـ يُعبّر عنه بلُغة العصر بالفلترة . 5 ـ من القواعد الّتي ذكرها المُؤرّخ العملاق ابن خلدون ( ت 808 هـ / 1406 م ) ، في مُقدّمته الرّائعة .


و كتب أبو مُحمّد سعيد هرماس


طريق الجنة المدينة في 24 المُحرّم 1438 هـ، المُوافق 25 أُكتوبر 2016 م

Admin
Admin

المساهمات : 2275
تاريخ التسجيل : 12/11/2016

https://theparadise-road.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى